رحلة مع قتالات الساموراي الشهير مياموتو موساشي
••• مياموتو موساشي ••••
الشخصية التي كتبت عنها الكثير من الروايات و قصص المانغا اليابانية، كيف لا وهو يعتبر أشهر ساموراي في اليابان وأصبح رمز من رموز التراث الياباني، لكن ألم يخطر في بالك عن سبب شهرته ؟
الجواب بسيط بطبيعة الحال كونه كان أقوى ساموراي في زمانه والكثير يعتبره أقوى ساموراي في تاريخ اليابان.
ليس هذا هو السؤال الذي أردت طرحه في الحقيقة، فسؤالي هو:
” مالذي جعل هذا الشخص الأقوى في عصره ؟ “
في هذا الموضوع سأسلط الضوء على أشهر معارك موساشي بالترتيب وبعد انتهائي من سرد قتالاته سنفسر كل قتال على حدة كي نفهم سر تميز هذا الشخص ونجيب عن السؤال الذي طرحته سالفا.
¤ سنة 1605
دعي موساشي الى مبارزة ضد شاب اسمه “ماتاسيشيرو“
الشاب ينحدر من عائلة يوشيوكا المرموقة في فنون السيف، قبل هذا الحدث وفي مطلع تلك السنة خاض موساشي قتال ضد والد ماتاسيشيرو “جينزامون” وانتهى القتال بقتل هذا الأخير، بعدها بأيام قَتل موساشي أخ جينزامون الأصغر في مبارزة أخرى.
كانت عائلة يوشيوكا تسعى للإنتقام من موساشي، لذلك أرسلت ماتاسيشيرو كي يرد شرف العائلة.
أحد اصدقاء موساشي أحس أن هنالك فخا في هذا التحدي و أراد مرافقته للقتال، لكن موساشي فضل ان يذهب وحيدا.
معروف عن موساشي أنه يتأخر في أغلب معاركه، بحيث في نزاليه ضد الإخوة يوشيوكا أتى متأخراً، وهذا سَبّب موجة غضب للإخوة، لكن هاته المرة موساشي أتى قبل الوقت المحدد و اختبأ بين الأشجار كي يتأكد من ناوايا آل يوشيوكا.
وصل ماتاسيشيرو برفقة مجموعة من الرجال، و إحساس صديق موساشي كان في محله.
“سوف يصل متأخرا كعادته” قال أحدهم “لكن هذه الخدعة لن تنطلي علينا بعد الآن”
اختبأ رجال ماتاسيشيرو في الأعشاب وفجأة قفز موساشي صارخا “لقد انتظرتك طويلا. استل سيفك” وبضربة واحدة قُتل ماتاسيشيرو دون أن تترك له الفرصة ليستعوب ما حصل.
بعدها موساشي اتخذ موقع عند زاوية في مكان سمح له بمواجهة الرجال الآخرين الذين يفوقونه عددا.
بكثرة الصدمة الرجال ظلوا مجفلين وغير مستعدين نفسيا للقتال، وبدل أن يرتبوا اوراقهم ويحاصروه وقفوا في صف سامحين لموساشي أن يقتلهم الواحد تلو الآخر في غضون ثواني.
هذا النصر صنع سمعة كبيرة لموساشي وبسببه رسخ شهرته كأحد افضل السيافين في اليابان.
¤ صار موساشي يصول و يجول في البلاد باحثا عن منافس ليبارزه حتى وجد غايته.
في إحدى القرى سمع عن محارب لم يهزم من قبل ويدعى بايكن.
بايكن معروف عنه أنه يستعمل سلاح غريب عن باقي الساموراي، حيث كان يستخدم منجلا و سلسلة طويلة في طرفها كرة معدنية.
كون السلاح خارج عن المألوف، طلب موساشي من بايكن أن يريه كيف يستعمل السلاحين، لكن بايكن رفض قائلا أن الطريقة الوحيدة لذلك هي أن يبارزه
يعني ستعرف كيف أستعمل السلاح في مبارزة و تموت بعدها.
أصدقاء ماساشي شعروا بخطر بايكن وطلبوا من ماساشي أن يتجنب القتال حيث أنه لا أحد من قبل اقترب حتى من أن يهزم بايكن بسلاحه الذي لا يهزم
كشرح لتقنيته :
بايكن يلوح بتلك الكرة في الهواء مجبرا خصمه على التراجع، حين تصل الكرة لسرعتها القصوى يرمي بها باتجاه عدوه الذي يضطر الى تفاديها غير قادرا على استعمال سيفهـ ولحظتها ينقض بايكن على خصمه ويطعنه بالمنجل في رقبته، تقنية خطيرة جدا بالفعل لكن…
موساشي تجاهل كل التحذيرات وقبل التحدي ووصل الى خيمة بايكن حاملا سيفين
سيف طويل و الآخر قصير، من الوهلة الأولى استغرب بايكن من استراتيجية موساشي حيث انه لم يسبق ان رأى أحدا من قبل يقاتل بسيفين.
بدأت المعركة وبدلا من أن يسمح لبايكن بالمبادرة، بادر موساشي أولا وقام بالهجوم دافعا خصمه للوراء
تردد بايكين في استعمال الكرة والسبب أن موساشي يمكنه صدها بسيف ويضربه بالآخر، وبينما بايكن يفكر في خطة، تلقى ضربة من موساشي بالسيف القصير فأفقده ذلك توازنه ثم في ثانية أتبعها بضربة بسيفه الطويل أودت بحياة بايكن.
¤ بعد بضع سنوات سمع موساشي عن مقاتل ساموراي عظيم يدعى ساساكي غانزو واعتقد أن أغلب متابعي فن الإنمي سمع بهذا الإسم من قبل، شهرته قريبة من شهرة موساشي ان لم تكن توازيها.
ساساكي كان يمتاز بسيف طويل جدا مكنه من الفوز في مبارزاته العديدة.
هاته المبارزة اختبار حقيقي لقدرة موساشي في استخدام فن السيف لذلك تحدى موساشي ساساكي وقبل هذا الأخير تحدي الأول.
اتفقا ان يكون النزال في جزيرة صغيرة قرب بيت الساموراي
صباح يوم المبارزة بين الثنائي، اكتظت الجزيرة بالناس، فهكذا قتال بين مقاتلين بهذا الحجم و الشهرة شيء يحدث مرة في العمر.
وصل غانزو في الوقت المحدد كعادته، وكعادة موساشي تأخر كثيرا عن موعد النزال، مضت اكثر من ساعتين ولم يظهر بعد موساشي وثار غضب غانزو على هذا التصرف الوقح.
لاحظ بعض الناس قارب يتقدم نحو الجزيرة وعليه راكب مستلقيا نصف نائم ويبري بالسكين مجذافا خشبيا طويلا.
كان هذا الشخص موساشي حيث بدا شاردا يحدق في الغيوم كأنه ليس بصدد قتال شخص بحجم ساساكي.
بعد وصول القارب حزم رأسه بمنشفة متسخة ثم قفز من القارب ملوحا بمجذاف خشبي
هذا الشخص جاء الى أكبر قتال يخوضه في حياته حاملا مجذافا وسيف خشبي بدلا من سيفه ورابطا رأسه بمنشفة بدلا من عصبة الرأس.
مستوى عالي من الوقاحة من طرف موساشي لكن هل يمكن أن نصفها بثقة في النفس بدلا من ذلك ؟
صرخ غانزو غاضبا قائلا “هل خفت مني الى حد ان تحنث بوعدك بأن تكون هنا عند الثامنة؟”
لم يرد موساشي عليه بل تقدم نحوه بصدد بدأ القتال
سحب ساساكي سيفه المذهل ورمى الغمد (حامل السيف) على الرمل، ابتسم موساشي ورد بـ(ساساكي لقد أهلكت نفسك للتو) ثم رد ساساكي (أنا أهزم ؟.. مستحيل) (أي منتصر في العالم يرمي غمده في البحر ؟ ) قال موساشي
هذه الملاحظة الغامضة زادت من غضب غانزو اكثر مما هو غاضب، ثم هجم موساشي مصوبا مجدافه مروّس الطرف على عيني ساساكي
رفع غانزو سيفه بسرعة وضرب رأس موساشي لكنه أخطأ الهدف قاطعا المنشفة التي وضعها موساشي على رأسه.
ساساكي لم يخطأ من قبل لكنه أخطأ الآن وفي نفس اللحظة عينها ضربه موساشي بسيفه الخشبي فأوقعه أرضا وبينما يحاول ساساكي النهوض قتله موساشي بضربة واحدة على رأسه
بعد الأنحناء بتهذيب لحكام المبارزة عاد الى القارب ومضى بهدوء مثلما جاء…
منذ تلك الواقعة أصبح موساشي سيافا من غير منافس داخل اليابان.
دعونا الأن نحلل شخصية موساشي بشكل مفصل.
اتذكر تصريح مدرب كرة قدم مشهور يدعى بيب غوارديولا، هذا الشخص سيطر على كرة القدم لسنوات و أصبح أسلوبه منتشرا في كل بقاع العالم.
غالبا عندما يتلقى سؤالا عن كيف يعمل أسلوبه يجيبهم بأن السر يكمن في الخصم..كل مبارة لها خطتها حسب الخصم و حسب اللاعبين، يعني لا توجد خطة ثابثة يطبقها السنة كلها.
موساشي كان كل مرة يخترع استراتيجية تناسب منافسه والظروف الراهنة، مع ماتاسيشرو قرر أن يأتي مبكرا وهو أمر كان نادرا ما يفعله في أغلب معاركه.
الإنتصار على عدد كبير من الرجال يعتمد على عنصر المفاجأة لذلك قفز من قوقعته معلنا عن نفسه وبعدها قتل قائدهم على حين غرة واتخذ زاوية سبق ودرسها كي تجبر خصومه على الهجوم بدلا من محاصرته
مع بايكن قام بنفس الشيء عنصر المفاجأة و وضع تكتيك يناسب ظروفه الحالية
استعمل سيفين وبادر هو الأول كي لايعطي لبايكن الوقت الكافي للرد على أسلوبه الجديد.
مع ساساكي اختار استارتيجية مختلفة جدا، هاته المرة قرر أن يغضب خصمه ويذله فساساكي فخور بنفسه كثيرا.
سيف خشبي، الموقف المستهتر، المنشفة المتسخة، الملاحظة الغامضة و التصويب على عينيه…
كلها تصرفات افقدت ساساكي تركيزه وجعلته متسرع في حركته حيث أخطأ في ضرب موساشي و عرف عنه أنه لايخطئ.
عكس موساشي فقد اعتمد خصومه على تقنيات بارعة وغير تقليدية و سيوف مبهرة، بدل التكيف اعتمدوا على مانجح معهم من قبل.
موساشي منذ صغره كان يتميز بقدرة على الإسترجال كان تركيزه على الحركة الأولى التي ستضع منافسه في ذهول بعدها ماساشي حسب الظروف يخطط للحركة القادمة وحسب ردة الفعل يخطط للخطوة الموالية ثم ينهي القتال.
اتذكر مقولتين لبروس لي لخص وضع موساشي، حيث قال “إفرغ عقلك، اجعله خربة. لا شكل له، مثل الماء. إذا وضعت الماء في كوب، ياخذ شكل الكوب. واذا وضعته في زجاجة، ياخذ شكل الزجاجة. واذا وضعته في إبريق الشاي، ياخذ شكل إبريق الشاي. كن كالماء، يا صديقي”
ومقولة اخرى بنفس السياق “عندما يصل شخص الى مرحلة النضج في الفن (القتال)، سوف يكون مثل اذابة الجليد في الماء. يصبح شخصا ليس له شكل، و يمكن أن يكون بجميع الأشكال او لا يوجد لديه أسلوب، ويمكن ان يتلاءم مع أي أسلوب”
لا تعتمد على خطة واحدة في جميع معاركك، الإستراتيجية ليست عبارة عن سلسلة من الحركات او الأفكار جاهزة تتبعها كوصفة، جيد أن يكون لك أسلوب لكن كن مستعد ان تتخلى عنه عندما تحتاج ذلك.
مقال مبالغة في الجمال ❤️
حابي أضيف كمان الملاكم الشهير فلويد مايويذر جونيور في حياتو كلها ما خسر ماتش واحد كا رقم قياسي
في مقابلة ليهو سالو عن سرُ شنو
فا أجاب
ليست السرعة وليست القوة بل في المرونة
وإنو ما علطول بيدخل الماتش بي إستراتيجية في الاول بيتماشا مع الخصم من غير خطة بعداك الأسلوب بيحضُر كا ردة فعل🔥
شكرا اخي الكريم