إعجاز جيل الصحابة في الفتوحات، هل هم أقوى جيش في التاريخ ؟
هو جيل قيل عنه أنه أعظم جيل شهدته البشرية من منظورنا الإسلامي، فقد جمع كل مقومات الصلاح والنجاح، هو الجيل الذي أوصل إلينا الإسلام وهو الجيل الذي حرص على حماية الإسلام من الضياع و ايصاله لكل الشعوب، كانت له مسؤولية كبيرة وكان أهل لها.
هو جيل حقق معجزات عسكرية لا يتم التسليط الضوء عليها كثيرا، وفي موضوعي هذا، بعجالة سأتحدث عن كيف قامت الإمبراطورية الإسلامية الأولى تحت يد هؤلاء العرب البدويين في نظر الشعوب الأخرى.
••• خلفية العرب •••
لدينا شعب يعيش في بيئة صحراوية، الأغلبية العظمى من العرب، وهذا القوم شديد البأس لكن على نحو منفرد، إما أفراد او عصابات، لم يشهد العرب دولة موحدة من قبل، بالتالي كان هنالك خوف واحترام للفرس والروم، حضاريا ونفسيا كان العرب يهاب هاتين الدولتين ولم يكن يفكر أي أحد في قتالهما، كشكل أمريكا في عصرنا الحالي.
لكن أتى الإسلام وتوحدت القبائل تحت راية الإسلام في عهد رسول الله، وكانت الخطة القضاء على هاتين الدولتين من المشرق، فإن كانت العرب تهاب شيء، فالمسلمون لا يهابون أي شيء غير الله، وهذا ما كان.
لكن بعد موت رسول الله إرتدت أغلب قبائل شبه الجزيرة، وهنا تفرق العرب مرة أخرى كعادتهم، ومن هنا بدأت حروب الردة.
انتصرت جيوش المسلمين على العرب المرتدين وتم توحيد راية العرب مرة أخرى تحت راية الإسلام لكن تحت شرط وضعه الخليفة أبو بكر، وهو عدم مشاركة المرتدين في الحروب مع المسلمين لمدة عامين (لست متأكد من الزمن)
بعد هذا التوحيد توجه تركيز الخليفة نحو الفرس، الجار الكبير الذي تهابه العرب وانطلق جيش بقيادة خالد بن الوليد نحوهم.
من ناحية أخرى، لدينا دولة الفرس عمرها يتخطى 800 سنة، دولة عظيمة تملك العدة و العتاد و الخبرة، عدوها اللدود هو الدولة البيزنطية (الرومانية) وهي الأخرى دولة عريقة.
هاتان الدولتان كالقط و الفأر، لم ينجح أحدهما في هزيمة الآخر هزيمة ساحقة، الحروب بينهما سجال ويوم علي ويوم عليك.
في فترة بزوغ الدولة الإسلامية كانت هاتين الإمبراطوريتين تشهدان ضعف نسبي جراء كثرة الحروب التي نشبت بينهما.
و بالنسبة لي هذا تبرير المراد منه الانتقاص من انجاز المسلمين، فإن كانت هاتين الدولتين منهكتين فماذا نقول عن المسلمين ؟
جيش المسلمين يعيش في بيئة صحراوية، لديه عتاد خفيف حوله العرب لميزة، لتوه خرج من حرب أهلية !
المسلمون لم يكونوا في وضع قوي أيضا، في حرب أهلية ستنهك اي دولة، لكن رغم ذلك فعلوا ما فعلوا…
الحرب الأهلية وان كانت استنزفت من موارد المسلمين، الا أنها أيضا أعطت لخالد بن الوليد ورفاقه خبرة في الحروب، فالجيش الإسلامي الآن خبير في المعارك و لن ترهبه هول الحرب.
••• الفتح الكبير •••
منذ خروج أول سرية بقيادة خالد بن الوليد نحو الفرس، و المسلمين يفوزون ويفوزون رغم الفارق الشاسع بين الجيوش من ناحية كل شيء تقريبا، بشكل غريب جدا وفي وقت قياسي، أنهى الصحابة الإمبراطورية الفارسية بشكل سريع جدا، ثم تم طرد الروم من الشرق و إفريقيا، وتوالت الفتوحات في عهد الأمويين.
الأمر ليس بسيطا، فالعرب مجرد قبائل متناحرة ولم يكونوا يوما جيش نظامي ودولة كبيرة من قبل.
العرب ليسوا كالمغول او الفرس او حتى الروم من ناحية العدة و العتاد و الكتلة البشرية، فتلك البيئة الصحراوية جعلتهم الأقل عددا، فلو كانت الصين كمثال هي من قامت بتلك الفتوحات, لكان أمرا مفهوما، لأنهم دائما متفوقين في العدد، لكن لم تكن للعرب اي ميزة من هاته المزايا.
فأن تكون دولة تلامس حدود الصين لحدود فرنسا، الأمر يتطلب عدد هائل من الجيوش و السكان وهذا الذي لم يتوفر عند العرب قط، رغم ذلك، الكل كان يدوق طعم الهزيمة, وهذا أحد أسباب توقف الفتوحات عند هذا الحد، أصبح من الصعب السيطرة على تلك المساحة الكبيرة.
الخريطة كانت مستقرة لقرون، وفي 30 سنة فقط اختفت إمبراطورية شاسعة كالفارسية من الوجود، وتقلص حجم دولة الروم، كيف فعل العرب هذا ؟ كل معركة هم الأقل عددا، الأقل بطشا و عطشا للدماء، لكنك تسمع فقط الإنتصار تلو الإنتصار، حتى المبارزات، نادر جدا ان يخسر مسلم في مبارزة قبل المعركة.
أقرب دولة للدولة الإسلامية الأولى من ناحية سرعة الفتوحات هي الدولة المغولية، لكن المغول كثر كعدد ومن كل حدب ينسلون، المغول استخدم الأوبئة و كل ما هو متاح ومع ذلك فتح ما فتح في مدة تتجاوز 50 سنة.
لهذا كلما قرأت اكتر عن باقي الدول، أرى أن ما فعله هذا الجيل إعجازي, واستمرت كفة المسلمين هي الأعلى طيلة 90 سنة، بعدها بدأت القوة تقل تدريجيا بسبب الإستقرارو غياب الهدف الأسمى