خلافة أبو بكر الصديق بشكل مختصر و بسيط، ما لا تعرفه عن شخصيته و فترة حكمه.

أعظم رجال أمة محمد و أكثرهم فقها وعلما، كيف لا وهو من صاحب النبي طيلة حياته وقد لقب بالصديق لكونه لم يشك ولو للحضة واحدة في رسول الله، كل ماقاله النبي بالنسبة له شيء مسلم لايشوبه الخطأ، وهكذا إيمان لم يكن عند كل الصحابة، قد يبدو لك الأمر بسيطا، لكن فلتعش في بيئة غير معروف فيها إدعاء النبوة و آخر نبي مر على العرب هو النبي اسماعيل عليه السلام، فعندما يظهر شخص يقول انا نبي، وبدون ولو تردد اومن به.

هذا شيء مبهر بحق، فقط ثقته في النبي والذي معروف أنه لايكذب ولقب بالصادق الأمين كانت كافية بالنسبة له كي يؤمن بنبوة محمد عليه الصلاة و السلام

نحن هنا نخصص حديثنا حول خلافة الصديق رضي الله عنه بشكل مختصر وليس ذكر سيرته.

بعد موت محمد عليه الصلاة و السلام، أصابت الصدمة الجميع والكل أكثر من النحيب كأن العالم انتهى، حتى عمر الفاروق لم يسلم من هولة الصدمة وهدد كل من قال على محمد أنه مات، أنه سيقطع رأسه، لهاته الدرجة كان موت النبي صاعقة في نفوس الصحابة عدا واحد.

أبا بكر كان يحب النبي أكثر من غيره لكنه كان واقعي ويعرف ما يجب أن يفعله في هكذا لحظات، وقف في مكان عالي ورفع بأعلى صوته قائلا “ان كنتم تعبدون محمد فان محمد قد مات وان كنتم تعبدون الله فإن الله حي لا يموت” وبعدها ذكر بعض الآيات التي تؤكد ان رسول الله بشر تنطلي عليه سنة الله في هذا الكون.

بعدما كانت الفوضى تملأ المدينة تغير كل ذلك بعد كلمات الصديق، تخيل لو لم يكن الصديق بينهم والنزاع الذي كان ينشب بين الصحابة الكرام.

بعد بضع مناوشات تم اختيار أبو بكر كخليفة لرسول الله في الأرض، والكل استحى ان يتقدم عليه كونه أكثرهم علما وهو من كان يصلي بالمسلمين بعد مرض رسول الله.

¤¤¤ تولي الخلافة ¤¤¤

الصديق كان الرجل المناسب في المكان المناسب، بحيث عمر الخطاب كان سيقوم بأخطاء كثيرة لو كان بدل الصديق في بعض المواقف، فتارة يكون لينا جدا وتارة اخرى شديد القسوة، لكن أبا بكر كان رزينا جدا في تعامله مع كل شيء، وقت الشدة يكون شديد و وقت اللطف يكون رحيما، وهاته الخصال تعلمها الصديق من النبي وبدوره علمها لإبن الخطاب، الذي حين تولى من بعده الخلافة كان مستعدا لحظتها لها، الفاروق ناسبته الخلافة بعد أبي بكر، وإن كان قبله قد لا يحسن ادارة شؤون الدولة مثله في بعض النقط.

بعدما تولى الصديق الخلافة، أعلنت القبائل العربية ارتدادها عن الإسلام، العرب في أواخر حياة النبي أسلموا ليس اقتناعا بالإسلام فقط، بل اعجابا بقوة محمد عليه الصلاة والسلام، يعني مبايعتهم للرسول كانت سياسية، لكن بعد موت النبي لم يعد سبب لهاته المبايعة وأغلب القبائل امتنعت عن الزكاة او الصلاة الخ.

بعض القبائل كانت راضية بالإسلام ككل، لكن رفضوا الزكاة، وطلبوا من الخليفة ان يسمح لهم بذلك، والصحابة منهم عمر بن الخطاب قبلوا الفكرة تحت حجة للتدرج عليهم في تطبيق شارع الله.

لكن أبا بكر كان شديد البأس ورفض كل العروض و المطالب، إما الإسلام كله و إما الحرب، وهكذا انطلقت حروب الردة بدون اي لمس لمقدسات الإسلام.

¤¤¤ حروب الردة ¤¤¤

في حروب الردة كان أبا بكر مخطط استراتيجي بارع، بل مبهر، يجعلك تعرف ان الصحابة كانوا جنرالات وليس فقط فقهاء في الدين، ابو بكر كان يعرف كل شبر في جزيرة العرب وقسم قواته بشكل جيد كي يضمن النصر

وكان شديد البأس على المرتدين لدرجة أن مسنا كان يجري هاربا ويصرخ “ويل للعرب من شر أبي بكر” الكل تمرد ظانين أن الصديق شخص ضعيف ويسهل هزيمته عكس عمر القاسي، لكن حدث عكس ذلك.

أحد قادة هؤلاء الجيوش هو سيف الله خالد بن الوليد، الذي أجاد الصديق استغلاله بشكل جيد، خالد كان متسرعا في بعض تصرفاته، وهذا كان يغضب عمر بن الخطاب كثيرا

ودائما كان عمر يطلب ان يعزل خالد لأن سيفه فيه ظلم، لكن ابا بكر كان يرفض نصائح عمر ويكتفي بتوبيخ ابن الوليد و الإستفادة منه بدل ذلك.

¤¤¤ الفتوحات الخارجية ¤¤¤

بعد حروب الردة و عودة القبائل للإسلام، بدون انتظار أرسل قوات المسلمين بقيادة سيف الله للفرس وتوالت انتصارات المسلمين على الجيوش الفارسية حتى فتحت العراق، ثم نقل قوات خالد للشام لمقاتلة الروم ونفس الشيء تكرر، انتصارات للمسلمين بشكل كاسح تحت يد خالد بن الوليد الذي توالت انتصاراته.

وهكذا تم توحيد العرب مرة أخرى و فتح العراق و بعض مناطق الشام كان على يد أبي بكر وهذا كان فقط تكميلا لخطة النبي.

المميز في الصديق هو التواضع الشديد حتى بعد استلامه للخلافة، لم يتغير طبعه ولم يتكبر بل ازداد تواضعا، لم يترك لأبنائه اي ثروة من بعده، العدل والرحمة تغلب عليه، لكن لو لمست المقدسات لن يتهاون في قطع رأسك، هذا لم أكن أعرفه عن هاته الشخصية المميزة، ظننت اللطف يغلب عليه لكن تعلمت منه أن المقدسات والقوانين ليس بها أي تنازل وتهاون.

بعده كانت الخلافة جاهزة للفاروق والذي شكل نقلة كبيرة في الخلافة الإسلامية، لكن أكثر ما سيبهرك في الفاروق هو حكمته.