ما بين الفطرة و الغريزة، لما يظل كايجي على سذاجته رغم خداعه عدة مرات ؟
كايجي من الأنميات المميزة جدا والفريدة من نوعها في عالم الأنمي، الأنمي حبس أنفاس كل من تابعه، وهنالك من لم يكمله لكثرة الضغط الذي سببته له الأحداث، شخصيا أعتبره أفضل أنمي قصير شاهدته في عالم الأنمي، أفضله على اي عمل في أي يوم منهم انمي هجوم العمالقة.
رسم متعوب عليه وان كان النمط لا يجذب الكثير، موسيقى تزرع فيك الرهبة والضغط، راوي يدب فيك الحماس مع كل حدث، أحداث نفسية تشد الأعصاب، عوامل كثيرة جعلتني أعشق هذا العمل، وأحد تلك العوامل هو شخصية كايجي نفسها، الشخصية أحبها كثيرا رغم سذاجتها، فهاته الشخصية جسدت بشكل مدهش سُنّة التدافع الموجودة في هذا الكون، صراع بين الخير و الشر وكلاهما موجودان في كايجي حسب الظروف.
السؤال الذي طرحه أغلبكم أثناء مشاهدة حلقات الأنمي، لماذا هذا الرجل يتم خداعه ولا يتعلم من درسه ؟
بعضكم لو حدث له مشكل بسيط مع شخص ما، يكره كل البشر او على الاقل تتغير طباعه جراء ذلك التصرف، لكن كايجي ظل طاهرا من تلك الأفكار
ان عدنا الى أحداث الأنمي، سنجد انه تعرض للخيانة في السفينة بشكل فظيع، بكى وندب نفسه وظن أنها النهاية، لكن غريزة البقاء أنقذته وخرج بأعجوبة من جحيم السفينة، مع ذلك “لم يتعلم الدرس”
تكرر الأمر في المسابقة الثانية، سوء حظه أوقعه في وسط ذلك الجسر العمودي، وقع في موقع لا يحسد عليه، لو أراد الذي خلفه ان لا يدفعه يجب ان يدفع الذي أمامه، تردد كايجي، ندب حظه لكنه في النهاية لم يفعلها، “لم يتعلم الدرس”
في الجزء الثاني تعرض للتعذيب على يد مدير الكازينو، وعندما انقلبت الأحوال لم ينتقم، لم ينتقم كعادته، ربما لأنه “لم يتعلم الدرس”
أي درس هذا الذي يجب أن يتعلمه ؟
أوليس هذا هو المفترض فعله ؟ بالنسبة للعالم الغربي، تصرفات كايجي غريبة جدا، لكن من منطلق منظورنا فكايجي مثل فن حسن الظن بالناس، مثل العفو عند المقدرة، وفوق هذا، كان وفيا ولو عنى ذلك حياته، صفات لن تجدها في العالم المادي.
كايجي رغم تعرضه للخيانة لم يتبع طريق الضلال في كره البشر كلهم، فإن كنت طيبا سترى الناس حولك طيبون، فهو أحسن الظن بالناس رغم ما تعرض له، فليس الكل شرير ولا يمكنك معرفة الطيب من الشرير، بالتالي الإحسان بالظن، وهذا ما أوصاه به رسولنا، فلا أحد يكشف مافي القلوب.
المميز في هذه الشخصية، أنها تخرج الوحش الذي في داخلها، لكن عند الضرورة القصوى فقط، فلو كانت له المقدرة، لعفى واختار طريق يربح الجميع.
حتى بعد خروجه من جحيم الأرض أنقد معه ذلك الشخص العجوز، في أحلك الظروف فكر في غيره وليس في نفسه فقط، فضل ان يخسر المال لإنقاذ ذلك الشخص.
كايجي من الشخصيات التي لها ضمير حي، فلو سرق أحد وهدم حياته، لن ينام طيلة حياته، حزمته الأخلاقية كاملة لم تتأثر بأي عامل خارجي.
كايجي ليس شخصية مبالغ فيها، بل هو نوع من البشر، نوع يعيش بين الشياطين لكن لم ولن يتحول لواحد مثلهم وان اشتدت عليه الظروف، فهو سينقد نفسه بأي طريقة لكن ليس على حساب بريئ، من منظور أخلاقي فكايجي مثال يحتذى به، فهو ليس ذليل محني الرأس، بل سيصبح وحشا لو لعبت به، لكن يكون طيبا عندما تبتعد عنه
هو ليس شخص فاشل كما حاول الأنمي تصويره، شخص لديه مبادئ، ومستعد ان يفعل اي شيء من اجلها.
العالم الغربي المادي، صعب أن يفهم تصرفات كايجي، لكننا كمسلمين، لدينا منظور مختلف، منظور يعترف بالفضائل وحسن الظن والعفو الخ، تصرفات كايجي اراها مستحبة، فهكذا يجب ان يتصرف الإنسان الذي يملك ضمير.
يحب لأخيه ما يحبه لنفسه.