أنميمقالات و مراجعات

وقفة مع فلسفة ياغامي لايت من أنمي ديث نوت



قبل 7 سنوات أو أكثر بقليل، شاهدت التحفة اليابانية “ديث نوت” لأول مرة، صحيح أنني لم أعد مشاهدته منذ تلك السنة قط.
الا أن هذا العمل، أراه من الأعمال التي تبقى محفورة في الذاكرة، حتى لو لم تضطر لأن تعيد مشاهدتها مرة اخرى.


فالإخراج مثير، والقصة رائعة والشخصيات مميزة ويبقى صراع “إل” و “ياغامي” من أروع الصراعات الثنائية في عالم الأنمي ككل، وما ميزه عن البقية أنه اتخذ من الخبث و الذكاء أسلحة في هذا الصراع، عكس باقي الأنميات التي غالبا ما تكون اما رياضية او قتالية.


الذي جعل هذا العمل خالدا الى يومنا هذا، هو انقسام الجماهير بين من هو مؤيد لفلسفة ياغامي لايت و من هو مؤيد “لإل”، وفي موضوعي هذا و إن اتسم بالركاكة التحليلية، سأحاول مناقشة فكر ياغامي من منظور وجودي أو فلسفي ان صح التعبير.

  • ياغامي لايت كشخصية


لايت من الشخصيات الذكية و المتفوقة في مجتمعها، اعتاد سماع كلمات المديح من الجميع في مختلف المجالات، ذلك التفوق ولد له نظرة فوقية على من حوله، أكسبته نظرة نرجسية متعالية، فهو يفهم افضل من أقرانه، يعلم أكثر منهم وبالتالي فهو من له الحق في تحديد الصح من الخطأ، فلا أحد سيحاججه كونه أذكى منهم وله البراهين و الأدلة.


هاته النرجسية جعلت لايت يشعر ان له حق تحديد الغبي من الذكي، من يستحق العيش و من لا يستحق
ودعونا لا ننسى ان الفتى مراهق ولم يتخطى ال20 سنة من عمره، حتى لو كان عبقريا فهو لم يقرأ 1% من كتب الأرض، لكن المكانة و القيمة التي أعطاه اياه المجتمع جعلته يشعر انه أهلا للحكم و لتقييم البشر
لكن لايت كان يدري أكثر من أي شخص اخر أنه بلا قوة، يعلم انه لا يملك القدرة على خلق تغيير، بالتالي تراه كبت هاته الأفكار حتى سقطت عليه مذكرة الموت.

  • فلسفة كيرا للعدالة


ياغامي او كيرا، جعل من نفسه اله يقتل كل شخص وقف في طريقه لتحقيق العدل او العدالة
بالمذكرة رأت هاته الشخصية انها بمقدورها تحقيق العدالة، و السؤال هل فعلا يمكنه ذلك ؟
كي نكون منطقيين في الكلام، المذكرة عاجزة جدا عن تحقيق العدالة للعالم، فكيرا لن يستطيع بقتله بضع اشخاص تغيير وحشية النظام الرأسمالي، فهذا النظام يزيد اصحاب المال غنى، و الفقراء يزيدهم فقرا، نظام ليس اخلاقي حيث كل شيء قابل للبيع و الشراء، فأين ما تكون المصلحة تجد المستثمرين يشترون دون وازع اخلاقي.


كيف سيعالج كيرا هذا الظلم في العالم بقتله بضع اشخاص ؟ علما انه نظام تحكمه الشركات وليس شخص محدد.
بعيدا عن هاته النقطة، كيف سيعرف كيرا المجرم الحقيقي من المجرم المظلوم ؟ الا يوجد الاف المسجونون الأبرياء ؟ وفي نفس الوقت يوجد المجرمون الحقيقيون ؟ كيف سيفرز كيرا البريئ من الظالم ؟ ماهي معاييره ومن أعطاه الحق في تحديدها من الأساس ؟


ضف على هذا، يوجد عشرات المجرمون طليقون لا أحد يدري عنهم شيئا، إما لأنهم هاربين او لأنهم اقوياء كفاية كي لا يتم الإبلاغ عنهم وما اكثرهم.
كيف سيعلم كيرا بهم وهو لا يعلم الغيب ؟ الكثير يتم اغتصابه وقتله في افريقيا و الدول الفقيرة التي لا قوة لها دون علم احد، كيف كيرا سيعلم عن هؤلاء ؟


بكل بساطة، كيرا سيحقق العدالة على الضعفاء، ذلك المجرم الذي يسرق رغيف خبز او يقتل شخص او شخصين، وسيفر منه من يسرق أموال الشعوب و يقتل العشرات من الناس.
وكلما زادت قوة معلوماته زادت قوة أعدائه في إخفاء انفسهم، ودعونا لا ننسى انه فور موته سيعود كل شيء كما كان او اسوء بكثير على ما أظن.

  • زبدة القول


كعادة اي مشروع لتحقيق السلام في الأنمي، نرى نظرة قاصرة لدى صاحب الفكرة و المتابع على حد سواء، فالسلام هو ان لا يكون حقد و حسد بين الناس، لا تكون مجاعات و سرقة للأفكار، السلام هو أن يكون ابدي وليس في زمن محدد، السلام هو ان يشمل البشر كلهم لا ان يغطي دولة او بضع دول.
هذا هو السلام و هذا مستحيل عقلا و منطقا، فلا يمكنك ان تقضي على غرائز البشر كالجشع و الحسد وغيرهم.


لا يمكنك القضاء على انتشار الإباحية و ارتفاع معدلات الإنتحار والخيانة الزوجية الخ…
أضف ان ياغامي لا زال شابا متسرعا، لم يفهم الحياة كي يقرر ماهي الحياة، لم يدرس ثقافات الشعوب و تاريخها و أفكارها، عقله صغير على تقمص دور الإله وسيظل دائما صغيرا، فلا يمكن للبشري ان يقيم البشري من منظوره البشري، فلا هو عاش كفاية كي يملك الحكمة و العلم، ولا هو شهد خلق البشر وعرف أسرارهم، ولا هو يعلم الغيب و غيرها من قدرات الله سبحانه و تعالى.
بكل بساطة، لا يمكن تحقيق سلام في دنيا تتكون من الخير و الشر، نزع احدهما يعني نزع الآخر، فلا معنى للخير بدون شر.


هي دنيا خلقها الله بهذا المنطق كي تكون اختبارا للبشر لا جنة لهم، لا الخير سيهزم الشر و لا الشر سيهزم الخير، كل من أراد تغيير هاته السنة مصيره الفشل
.

محمد أريوا

مؤسس شبكة مجرة الأنمي، مولع بالتاريخ و حضارات الأمم السابقة و أحب الكتابة عنهم و مشاركة كل ما أعرفه بأسلوب بسيط يصل لجميع الأعمار. أحب فن الأنمي لكن ليس لدرجة الهوس، له و عليه و أحب التطرق لكل شيء حول هذا الفن كذلك أعشق عالم الألعاب رغم قلة كتابتي عنه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى