تمهيد:
التحول لعملاق فكرة مستهلكة قام الكاتب بإخراجها في حلة جديدة فصارت متفردة متميزة، شدت إليها المتابعين بقوة بل وأحدثت شهرة عالمية، ظهرت تفاصيلها المتشعبة الدقيقة متفرقة على طول السلسلة، لذلك قمت بإعادة المشاهدة الكاملة ونيتي جمع ما تفرق من معلومات في موضوع واحد بإيجاز غير مخل، حتى يسهل استيعابها وفهم أبعادها وبعض تجلياتها، لتكون مادة مكتوبة يرجع لها المشاهد وتكون مساعدة في نقاش أدق وأعمق لهذه القوة.
شرح القدرة
تحول قسري :
بحقنة مُلئت سائلا شوكيا لعملاق ، يتحول الناس إلى عمالقة ذات أطول مختلفة (بين مترين إلى 15 مترا) تحافظ تقريبا على تقاسيم الوجه وملامحها العامة، لا تملك أجهزة هضمية ولا تناسلية، ولا تحتاج للتنفس ولا للماء والطعام، بل فقط لضوء الشمس بغرض الحركة، نقطة ضعفها تقع عند الرقبة، ولا تتكلم رغم امتلاكها أجهزة صوتية، لها حاسة تجعلها تستهدف التجمعات البشرية الكبيرة، وهمها الغريزي التهام الناس بحثا عن مفتاح عودتها إلى هيئتها البشرية، ورغم المظهر الضخم إلا أن أجسامها خفيفة جدا.
طريقة الحقن ليست الوحيدة وإن كانت المشهورة، بل يكفي وصول السائل إلى دم الشخص عبر شربه أو غير ذلك.
أشكال شاذة:
المعلومات أعلاه تخص ما نسميه العمالقة الخالصين أو العاديين وهم الأكثر انتشارا، لكن يوجد قسم ثان، يطلق عليه اسم العمالقة الشاذين، وهم من ظهرت عليهم بعض الصفات المميزة عن البقية، فهناك من يستطيع الكلام بترديد بعض العبارات البسيطة كالأسماء مثلا، وهناك من له بقية إرادة من حياته البشرية، وهناك من يتحرك في الليل اعتمادا على ضوء الشمس المنعكس على القمر، وهناك من يستهدف بعض الأهداف المحددة، وهناك من يفوق طولهم الأطوال العادية كعمالقة السور (50 مترا) أو عملاق رود ريس (120 مترا)، وقد لا تتحرك هذه العمالقة الشاذة بالطريقة الطبيعية فقد تزحف أو تمشي على أربع أو تتكئ…ومما يميز بعض هذه العمالقة قدرتها على التعلم عبر الملاحظة والتجربة.
تسعة:
ومما يدخل في هذا القسم الثاني، العمالقة التسعة، وهي عمالقة تملك قدرات مميزة أهمها الوعي والذكاء والقدرة على الرجوع إلى الشكل البشري، وعلى التجدد ونقل الوعي بين الدماغ والنخاع الشوكي للهروب من القتل، وإلقاء نظرة على الذكريات السابقة لحامليها عبر ما يسمى المسارات التي تجمع كل رعايا يومير في شبكة أشبه ما تكون بالشجرة العملاقة الرابطة بين أجزاء الزمان. لكن قدرة العمالقة التسعة تمتلك حدودا كبيرة أخطرها وفاة حاملها بعد 13 سنة، وانتقالها لملتهمه أو لطفل اعتباطي حديث الولادة من رعايا يومير.
للحصول على قوة العمالقة التسعة يجب التحول القسري بالحقنة ثم التهام حاملها السابق، فترث إحدى القدرات التالية الخاصة إضافة لما سبق ذكره (يجذر بالذكر أن هذه القدرات قد تتغير حسب حاملها):
العملاق المهاجم: طوله 15 مترا له قدرات قتالية عالية ومهارة في التصلب والتحول لأكثر من ثلاث مرات، تواق إلى الحرية ويملك خاصية مشاهدة ذكريات مستقبلية لحامليه ظهرت بقوة لدى إيرين ييغر.
العملاقة الأنثى: رشيقة جدا وتمتلك قدرة جزئية على جلب العمالقة تجاهها باستعمال الصراخ وقدرة قوية على التصلب واستعماله في القتال.
العملاق الضخم: بطول 60 مترا غير رشيق له قدرة على نفث دخان ساخن جدا لحماية نفسه، وقدرة اختيارية على إحداث انفجار هائل عند التحول، ويستطيع الاختفاء بسرعة كبيرة.
العملاق المدرع: رشيق إلى حد ما وتخصصه التصلب، حيث يستطيع تغطية كافة جسده غير بعض المناطق كالمفاصل مثلا.
العملاق الوحش: طوله 17 مترا له إمكانيات عالية جدا إلا أنه ضعيف من ناحية التصلب، يستطيع التحكم في العمالقة المتحولين عبر سائله الشوكي، وأيضا في وقت تحول ضحاياه بفعل صرخة مدوية.
العملاق الفك: الأكثر رشاقة بينها، قصير القامة يمشي على أربع قوائم، يتميز بفكه القوي جدا القادر على تحطيم حجر التصلب.
العملاق العربة: من قصار القامة يتحرك على أربع قوائم يستطيع حمل عربة مدرعة على ظهره فيها جنود برشاشات والتحرك بسهولة، قدرته ضعيفة على التجدد ويتميز بطول مكثه في طور العملاق (وصلت حد الشهرين) دون رجوع للهيئة البشرية.
العملاق المطرقة: قدرة عالية على التصلب وعلى الاختفاء تحت الارض لأن جسد المستعمل يكون في قوقعة مكونة من حجر التصلب ولا يتواجد في الرقبة، ويستطيع صنع مختلف الأسلحة التقليدية كالنشاب والمطرقة…
العملاق المؤسس: قدراته حكر على العائلة الملكية ، وتم تقزيم قدراته بسبب عهد نبذ الحرب المفروض على الأجيال الوارثة له من بعد الملك كارل فريتز.
من قدراته: القدرة على تغيير الذاكرة وتعديل الأجساد لعلاجها من الأمراض مثلا، التحكم في باقي العمالقة الخالصين، تفعيل دك الأرض إن كليا أو جزئيا، وهو إخراج عمالقة الأسوار في هجوم كاسح. ويمكن تفعيل قواه أيضا بحامل لا يمتلك دما ملكيا وآخر يحمل دما ملكيا وقوة من العمالقة التسعة .
المستهدف بالقدرتين الأولتين هم رعايا يومير حصرا، دون العرق الشرقي (عائلة ميكاسا) والأكارمان وبعض النبلاء داخل سور سينا (إلديانيين ليسوا من نسل يومير).
يتم التحول إلى إحدى هذه العمالقة بإيذاء النفس وامتلاك هدف محدد من وراء التحول، ويقبع إذاك حامل القوة في رقبة عملاقه متصلا بأعصاب وعضلات تربط وجهه وأطرافه العلوية، ويمكنه الرجوع إلى هيئته متى ما أراد ويمكن قتل العملاق بقتل صاحبه القابع في الرقبة، وعند ذلك تبقى جثة العملاق جاثية يتحلل لحمها وعضلاتها ثم عظامها إلى أن تنهار، ويلاحظ أن هذه البقايا لها قدرة على تسريع نمو النباتات وتسريع أطوار النمو.
قدرات عديدة لهذه العمالقة التسعة لا تحتاج لهيئة العملاق لتفعيلها كالتجدد وغيره.
تاريخ القدرة:
إن كان التحول يحتاج سائل نخاع شوكي لعملاق سابق فالبداهة العقلية تقتضي استحالة التسلسل في الماضي بدون انقطاع ولابد من وجود سبب أول لسلسلة التحول هذه، إنها الفتاة يومير التي عاشت قبل 2000 سنة في إحدى القرى الصغيرة المسالمة قبل مهاجمتها من طرف عصابة من الإلديين، لتصبح أمة لقائدها الذي سينمي عصابته لينشئ مملكة إلديا التي ستقارع المملكة المارلية.
يومير هذه اتصلت بمصدر الحياة العضوية لتتحول إلى عملاقة يتم استغلالها لتدمير الخصوم وإعمار أراضي دولتها ومساعدة شعبها.
ستخلف من ملكها ثلاث بنات وتموت بعد 13 سنة من حصولها على القوة مضحية بآخر أنفاسها لإنقاذ ملكها وتنتقل بهيئتها الصغيرة إلى بعد منفصل زمكانيا عن العالم الحقيقي، تصبح فيه صانعة عمالقة تحت الطلب، فكل تحول أو تجدد أو قدرة متعلقة بها إلا وتمر بيومير في عالم المسارات هذا لتصنعها من رمل في مدد طويلة لانهائية لا تساوي سوى طرفة عين في العالم الحقيقي.
مستندات القدرة:
الناظر لعالم العملاق المهاجم يرى أنه عالم طبيعي سوى “التحول لعملاق”، لكن نظرات متفحصة تبين أن الكاتب حاول أن يجعل هذه القدرة طبيعية بالنسبة لعالمه، فلم فعل ذلك؟
كلما ارتبط العمل بالعالم الواقعي وانطلق منه لصناعة خيال واقعي إلا وتم استلاب المشاهد وتلبسه فيتعلق بقوة ويرتبط به ارتباطا وثيقا، فكيف فعل إيساياما ذلك؟
إن كان الإمكان العقلي يسمح باحتمال بسيط لوجود هذه القدرة حقيقة، فإن إيساياما عمد إلى بعض المستندات التاريخية، الدينية، العلمية التجريبية…ليعضد من الاحتمال ويدخله في تلك الظواهر الطبيعية ما أمكن.
وسنتحدث عن جانبين مهمين وهما الجانب الديني والعلمي ثم الاقتباس.
المستند الديني:
إن كان التاريخ والعقيدة اليهوديان مصدران خصبين لاقتباسات إيساياما فإن وجود قوم جبابرة طوال القامة سموا عماليقا، اعتبر بنو إسرائيل أنفسهم كالجراد أمام ضخامتهم (سفر العدد من الكتاب المقدس)، يعتبر سندا دينيا قويا لإيساياما غير الأساطير الإغريقية والإسكندنافية التي تحدثت عن الموضوع، بل وألهمت هذه القصة الدينية خياله في بناء الأسوار لأن الرواية تخبرنا أن قوم عماليق قاموا ببناء “رجم الهري” الذي يشبه للأسوار.
المستند العلمي:
عن طريق هانجي، صرح الكاتب بخفة أجساد العمالقة ليتفادى محصلة العلم التجريبي في استحالة وجود العمالقة في العالم الواقعي، وعزا التأثير ليومير في الحركة والتحول والتحطيم…وربط أصل القدرة بنظرية التطور والاتصال بالطفيليات، التي قد تطور الجنس البشري إلى كائنات أخرى جديدة، بحث فيهم العلم التجريبي (هانجي، كسافر…) وفهم قوانينها الحاكمة.
الاقتباس:
لا يخفي الكاتب تأثره بالأعمال السابقة، ويشير إلى جوراسيك بارك كمثال، ثم في عالم الأنمي نجد تأثير نيون جينيسيس إيفانجيليون حاضرا في مجموعة تشابهات: استغلال أطفال يقودون العمالقة يجلسون في الرقبة تحيط بهم الدماء…
تجليات وتأثيرات القدرة:
هذه القدرة كان لها من الاتساق الداخلي ما مكنها ألا تتناقض خلال العمل، لكن هل استطاع إيساياما توضيح تأثيرات هذه القدرة على شتى المستويات كما لو أنها تأثيرات في عالمنا الحقيقي؟
أزعم أنه نجح في ذلك وأذكر أمثلة سريعة:
التأثير التاريخي: القدرة لفرط قوتها غيرت مجرى التاريخ وتسببت في حروب عظمى داخلية وخارجية وفي نزوح شعب بكامله إلى منفى منقطع عن العالم جغرافيا، ثم امتد التأثير إلى المستقبل فتسببت في حرب إبادة من الطرفين، الشعب الإلدي من طرف وبقية العالم من طرف آخر، وقد أثر ذلك أيضا على الجانب الديموغرافي للعالم.
التأثير النفسي: جعلت القدرة من الطرف الغير الإلدي متوجسا هلوعا وسرى في كل مكان شعور اللاثقة بسبب التقية التي قد يزاوها الإلدي ليعيش حياة طبيعية بين ظهراني الناس. ثم إن الشعب الإلدي الذي توجهت ضده كل الكراهية قد انكفأ على نفسه حتى صعب معه صناعة علاقات عامة طبيعية وهذا يأخذنا إلى:
التأثير السياسي: اكتسحت بسبب هذه القدرة قمة العالم لألفي عام إلا مائة سنة ما سُمي بمملكة إلديا، ثم انهار الشعر القومي فتحالف الملك الإلدي وأعداؤه ليوقفوا الشعب الظالم المستبد، فانقلبت موازين القوة بحصول العدو اللدود والتاريخي على جل العمالقة التسعة وعلى منجم إلديين مستعدين للتحول والاستعمال في أي ظرف زمكاني بسبب تشوقهم للحرية وحصولهم على رتبة مارلي شرفي. ووحدت القدرة مع قوة الخطاب المناوئ لها كل العالم بقيادة مارلي ضد إلديا رغم حسن النوايا. كما تسبب وجود هذه القدرة في وجود جبهات نضالية في كل مكان كحركة الاستعادة مثلا في مارلي وغيرها.
التأثير الديني: تشكلت عقيدة تعبد الأسوار داخل جزيرة البارديس، لها كنائسها ونصوصها المقدسة ونفوذها السياسي وتأثيرها على الحكومة. ثم مجموعة “الطائفة” في مارلي التي اتخذت يومير معبودة لهم طلبوا منها أن تعيد لهم المجد والعزة السابقة.
أسئلة للبحث والتقويم:
1. من اكتشف خفة أجسام العمالقة؟
2. ما تفسير القوة التدميرية للعمالقة إن كانت أجسامها خفيفة؟
3. ماذا سيحدث إن تناول عملاقان في نفس الوقت جسد حامل لقوة عملاق من العمالقة التسعة ؟
4. لم عمد الكاتب إلى اليهودية ليستلهم الكثير من أفكاره؟